تواصل إسرائيل تجاهلها الفاضح والمعلن لقرار محكمة العدل الدولية بخصوص الوضع في قطاع غزة، والذي بموجبه أمرت المحكمة إسرائيل قبل أكثر من أسبوع، اتخاذ كل الإجراءات لمنع قواتها من ارتكاب أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني للفلسطينيين في غزة.
إما على الأرض المذابح الإسرائيلية في غزة مستمرة!!، ولا شيء في الأفق لكبح آلة القتل والتدمير في غزة، في حين أن الوضع في الضفة الغربية زاد سوءاً ومعاناة منذ هجمات 7 اكتوبر، فالاحتلال زاد إمعاناً في ممارسته غير الإنسانية والقتل والاعتقالات، وفرض سياسية الأمر الواقع على الضفة الغربية عبر اقتحامات ومضايقات أمنية واعتداءات وعنف المستوطنين المتصاعد ضد الفلسطينيين.
على أرض الواقع حكم المحكمة الدولية لم يغير شيئاً ولم يمنع إسرائيل عن المضي في ارتكاب الفظاعات في غزة، فمنذ صدور حكم لاهاي، وصل عدد من قتل أكثر من ألف ومئتين شهيد فلسطيني، فيما تجاوز عدد المصابين الالف جلهم من النساء والأطفال والنساء.
في ظل التعنت الإسرائيلي وعدم استجابته للقرار الأممي، لن يكون أمام جنوب أفريقيا أي ملاذ سوى مطالبة مجلس الأمن باتخاذ إجراء، وعلى الولايات المتحدة أن تقرر ما إذا كانت ستؤكد مرة أخرى أن بإمكانها وحلفائها تجاهل ورفض القانون الدولي هذه المرة أيضاً.
قرار العدل الدولية لاشك أنه اكسب القضية بعداً رمزياً ومعنوياً كبيراً، من حيث أنه موجه ضد دولة التي نسجت روايتها دائما على المظلومية التاريخية والاضطهاد لكسب تعاطف العالم، كما انه يعد انتصارا كبيرا للقضية الفلسطينية وهزيمة كبرى لإسرائيل رغم محاولتها التخفيف من وطأته و تفسيره بشكل يسمح لها بمواصلة الأعمال القتالية ضد الفلسطينيين، و لإدعاء بأنها تمارس بذلك حقها الطبيعي في الدفاع عن النفس، يمثل ادعاء باطلاً كونها قوة احتلال لا تمتلك هذا الحق في مواجهة الشعب الفلسطيني المحتل.
منذ العام 1948، تعددت قرارات الأمم المتحدة المنتقدة لإسرائيل، متراوحة بين حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى بلادهم إلى التنديد بالهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين، قرارات الأمم المتحدة التي تؤنب إسرائيل وتطالبها بنقض انتهاكاتها ضد الفلسطينيين كثيرة تجاوزت العشرات، بيد أن الاحتلال إلاسرائيلي مستمر بانتهاكها وبانتهاك غيرها من القرارات القانونية الدولية بشكل صارخ وبدون أي عقوبات رادعة.
دولة الاحتلال الإسرائيلي لا يمكن أن تبقى فوق القانون الدولي ولابد من محاسبتها على جرائم الحرب التي ارتكبتها في قطاع غزة، ولابد من جهد دولي مخلص لمحاسبة إمعان الاحتلال الإسرائيلي، وانتهاكه قواعد الشرعية الدولية والقانون الدولي الإنساني.